ما أعظم همك يا ابنتي

ما أعظم همك يا ابنتي

رسالة إلى مقبلة على الزواج

***

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:

وددتُ لو أُقبل رأسَ تلكَ السائلة؛ المقبلةِ على الزواج، قبل أنْ أجيبها، حين قالت:

 معلمتي الكريمة هل لي بنصحك، كيف تكون علاقتي مع زوجي قوامها التقوى؟

یا الله! ما أعظم همكِ يا ابنتي

اللهمَّ هبْ لأبنائنا زوجاتٍ صالحات ٍعابداتٍ، فخيرُ ما حظى به الرجلُ زوجةٌ تخاف الله وتتقيه.

أُجيبكِ وبالله التوفيق:

اجعلي تقوى الله نصبَ عينيكِ في حياتكِ مع زوجكِ، فازرعي التقى في قلبه وذلك بالتذكير للصلواتِ والصيامِ وكثرةِ النوافلِ والعبادات؛ بل اجعلي بينك وبينه عباداتٍ مشتركةً تقومان بها؛ فيشدُّ كلُّ واحدٍ منكما عضدَ الآخر.

وتذكري دائمًا: كلما أصلحتِ من نفسك؛ أصلحَ الله من حولكِ، قال عزَّ من قائل:

﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوۡمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمۡۗ﴾ سورة الرعد 11

وهذه نصيحة يا ابنتي وأُخيتي:

 ازهدي بالدنيا، ولا تجعلي سعادتكِ مرتبطةً بزينتها، فلن تجدي فيها كمال الأُنس وقد فُطرتْ على كبد!

فلا تحثينه على الخروج (للمجمعات، والمطاعم، الخ) من أمور الدنيا التي تمرضُ القلب، والتي يغدو إليها المرءُ فيرجعُ ليس كما الذي كان، بل حثيه على الأماكنِ الخاليةِ من المنكراتِ وأنفاسِ البشر؛ فتنالكما بركة التقوى، ويحيا قلبكما بطاعةِ ربكما.

وليكنْ همُّكِ (السعادةَ) ذاتها، ولا يكون همك همُّكِ (طبقَ السعادة) وكيف قدمها لكِ.

فلا تجعلي همكِ هل هو ذهبٌ أم فضة!

فقد يهب لكِ القليل فيكون في عينيكِ من بركتهِ جنةٌ، وقد يهب لكِ الكثيرَ؛ ولا يزال في قلبكِ أنَّه لا يسوى ذرةٌ.

ولا تنسي والدتَه، ذكريه دائمًا ببرِّها والإحسان إليها، فالأيام حبلى ﴿وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ﴾ [آل عمران: 140]

هي التي حضنته في أحشائها، وسقته من دمها، وأطعمته من لحمها، حتى صار إلى ما صار إليه أمام ناظريك.

وعامليه بالحكمة واللطف؛ فليس من الحكمة معارضة الزوج بصلابة ومصادمة وشدة، بل بالرفق واللين تملكين قلبه وقراره، وحتى لا تفتحي بابًا للشيطان يلج منه، فيفسد بينكما طيب المعشر، وأُنس الحياة.

إن الزوج سيد[1]، والسيد يأنف من معارضته بمصادمةٍ وقوة ،،،

أخيرًا:

 اتقي الله فيه؛ فاحفظيه بالسرِّ والعلنِ، وقد يكون في العلنِ لا إشكالَ فيه؛ إنما هو إحسانُكِ الحقَّ له في (السرِّ) حين يغيبُ عن ناظريك.

فإن الخلوات هي معترك الإيمان بين العباد، وحقيقة التقوى بين الأنام.

جعلكِ الله المؤنسةَ له، الصالحةَ، العابدةَ، المحسنةَ لمن خلقه جل جلاله.

[1] روى ابن السني في عمل اليوم والليلة برقم: (388) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه 
قال رسول الله ﷺ: "كُلُّ نَفْسٍ مِنْ بَنِي آدَمَ سَيِّدٌ، فَالرَّجُلُ سَيِّدُ أَهْلِهِ ، وَالْمَرْأَةُ سَيِّدَةُ بَيْتِهَا".


وكتبته:
 هيا بنت سلمان الصباح
غفر الله لها ولوالديها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تواصل مع الدكتورة