أسئلة حديثية
- السؤال:
ورد في الأحاديث أن رسول الله ﷺ حين قفل من غزوة خيبر فسار ليله حتى إذا أدركه الكرى عرَّس وقال لبلال اكلأ لنا الليل ونام رسول الله ﷺ وأصحابه فلما تقارب الفجر غلبت بلال عيناه وهو مستند إلى راحلته فلم يستيقظ بلال ولا أحد من أصحابه حتى ضربتهم الشمس ..” إلى آخر الحديث.
ففي هذا الحديث فاتتهم صلاة الفجر
السؤال: في بعض الأحيان النبي ﷺ يفعل أمرًا ليعلمنا كسجود السهو مثلًا وفي هذا الحديث لا نستطيع أن نقول أنه تعمد أن يفوتها ليعلمنا
فكيف فاتت النبي ﷺ صلاة الفجر؟ لمَ لمْ يقم بنفسه أو أقامه الله ﷻ وهو معصوم في أمور التبليغ، فكيف حدث هذا وهو قدوتنا في كل شيء، فهل الحديث فيه مشكلة لأنه يعارض كون الرسول ﷺ معصوم؟
الجواب:
لو أن العلماء نظروا للأحاديث بهذه النظرة السطحية الضيقة لذهب العلم ومات الدين واندرس الإسلام، بل إننا ننظر في تراثنا العلمي فننبهر من الأحكام والمعاني والفوائد والفرائد التي يذكرها العلماء، لاسيما وأن سنة النبي ﷺ مباركة وفيها من المعاني ما قد يفوق الحصر، حتى إن أحد فقهاء الشافعية يقال له ابن القاص ذكر أن بعض الناس عاب على أهل الحديث أنهم يروون أشياء لا فائدة فيها كحديث:
“يا أبا عمير ما فعل النغير”
وما درى أن في هذا الحديث من وجوه الفقه وفنون الأدب والفائدة ستين وجها! ثم ساقها بكل فخر وإتقان، استخرجها من جملة صغيرة لا يتصور غير المتخصص أن فيها هذا الكم من العلم
وأما الحديث المذكور:
فإن مما لاشك فيه أن الله سبحانه يضع نبيه في أحداث معينة كي تقتدي به الأمة إذا مرت بمثل ما حديث له، ومن ذلك هذا الحديث، فإن فائدته لا تقتصر على معرفة وقت انتهاء صلاة الفجر كما تظنين، بل هذه فائدة لم تذكر أصلا من فوائد الحديث، كما أن النبي ﷺ لم يتعمد أن ينام عن صلاة الفجر بل هذا قدح في النبي يلزمكم منه التوبة وكثرة الاستغفار! بل الله قدّر لهم ذلك لحكم كثيرة، والحديث ليس خاليا من الفوائد كما ترين، وإنما الحديث مليء بالمسائل العلمية التي أسهب في دراستها العلماء وتولى مباحثتها الأذكياء من أئمة الإسلام، من ذلك:
هل من فاتته الصلاة فعليه قضاؤها أم تسقط عنه لحديث:
“رفع القلم عن الناسي”
فالرفع هنا للفرض أم للإثم؟
هل إذا وجب القضاء للفائتة فيستوي في ذلك الناس والمتعمد أم لا قضاء على المتعمد؟
هل تقضى الفجر أول وقت الشروق الذي هو وقت نهي عن الصلاة أم ينتظر حتى ترتفع الشمس ويخرج وقت النهي؟
هل القضاء على الفور أم على التراخي لكون النبي ﷺ أخّر القضاء إلى أن انتقلوا من مكانهم؟
هل يجب تغيير المكان الذي فاتت فيه الصلاة اتباعا لفعل النبي ﷺ هنا أم الأمر فيه تفصيل آخر؟
هل يؤذن ويقام للصلاة المقضية أم لا؟ أم يترك الأذان دون الإقامة؟
هل الجماعة مشروعة للفائتة أم هي متعلقة بالوقت وتسقط في حال القضاء؟
هل يجهر بها أم يسر بها كحال صلوات النهار؟
هل تصلى سنة الفجر في حال القضاء أم تسقط؟
هل يبدأ بالسنة القبلية ثم الفجر أم يبادر بالفرض ويؤخر السنة؟
تلك عشرة كاملة، استخرجتها سريعا، وأما العلماء فلرسوخ علمهم وشفوف نظرهم يفجرون معاني الأحاديث ويستخرجون منها الكثير من الدرر والمخبآت.
والله أعلى وأعلم.