ما هذا بعُشِّكِ فَادْرجي

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

أصبحنا في زمانٍ النساءُ فيه متأثرات بالأفكارِ التي تشيعها وسائل التواصل حتى أصبحن مهزوماتٍ أمام سطوة (الفاشنستات) مما أدَّى إلى هوسِ الاهتمام بجمال المظهر الذي تجاوز كثيرًا

من حدود الشرعِ بل والعقل أيضًا!

فطفقنَ يخبطنَ خبطَ عشواء في التجميل والترقيع والنفخ والتنحيف، حتى وصل قبح مبلغهم من الجمال المزعوم إبرار قسم إبليس حينما قال كما في كتاب المولى العزيز: ﴿وَلَأٓمُرَنَّهُمۡ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلۡقَ ٱللَّهِۚ﴾

ما وصلتْ إليه بعض النساء إنما هو في الحقيقة تشويهٌ لا تجميل، وتقبيحٌ لا تحسين، ويا ليتهنّ علمنّ أنَّ خلق الله جل جلاله على طبيعته أجمل بكثير.

فلا تلجي يا من جملك ربي كل جحرٍ من جُحُور الهوام ،،،

ومن سلكت سبيل التجميل المحرم لن تنال الرضا بجمالها مهما تلاعبت به؛ فهي تبيتُ بين فؤادٍ خافق وفكرٍ خارق، دنتْ من ساحلٍ أدنى ما فيه أنه مؤذي للفكر والفؤاد.

 لنْ ترى

بصنيعها أملاً سانحًا، ولا مطلبًا لائحًا

إنَّ الجمال مكونٌ من عنصرين: عنصر خارجي، وآخر داخلي ،،،

فمن حظيتْ بجمال الظاهر، وافتقرتْ من جمال الباطن فإنها قد فقدت النصيب الأكبر من حقيقة الجمال وجوهره، وأما من تشبعت بجمال الباطن مع تواضع جمالها الخارجي فقد أصابت كبد الجمال وأصله، وكما قيل:

ليس الجمال بأثواب تزينها *** إنَّ الجمال جمال العلم والأدبِ

يتمثل الجمال الداخلي:

 بطهرِ القلب، وحسن الخُلق، ورحمة الخَلق، والبُعد عن الظلم، وعدم الكبر، ورقي الأدب، وامتثال الأمر واجتناب النهي، والإقبال على الخير والتحرز من الشر

ويتمثل الجمال الخارجي:

بالتناسب في أجزاء الهيئة التي خلقنا الله عليها من غير تغييرٍ ولا تبديلٍ في أصلها، فمن حازت ذلك المقام السامي؛ كانت أيامها أعيادًا، والسعد لبابها مُنقادًا، أما قيل فيمن شاب رأسه: قد أقمر ليله!

لا أدعو

 لإهمال المرأة التجمل، فهي مفطورة ٌعلى حب التزين، ولكن بضوابط واعتدال.

فيا سليلة الطهر ،،، ما هذا بعُشِّكِ فَادْرجي

ومهما مهدَ لكِ الزمان سبل الجمال المكذوب، وأغروكِ بنيله من غير مجهود؛ فأفيقي ولا تسلكي سفرًا ذا نصب، حتى لا يورثك كدرًا ووصَبًا، لا تحملي من الذنوب كواهل، واطمعي بسُقيا عذب المناهل.

فإنَّ الجمال

بيد الجميل جلَّ جلاله؛ ولا يُسأل الجمال منه سبحانه إلا بطاعته ورضوانه، ولا يورثه إلا لمنْ أجابه وأطاعه.

الحياة قصيرةٌ، والشباب سرعان ما يزول

نحن نعيش في ظلٍ زائل، وخيالٍ عابر، فلا تجعلي أيامه تغدو بغرضٍ باطل.

الزوج

لا يحتاج إلى عمليات تجميل تغيرين فيها خلق؛ بل يحتاج لعملية تجميل للخُلق وحسن المعشر، وبهذه العملية الأخيرة تملكين قلبه وعقله ودنياه.

لا تحرمي

 نفسك لذة الأنس بطاعة المولى، فتجزعي يومًا لمرارة ما تلقينه حين نكون موتى.

كوني كما خلقكِ جميلة غصنًا رطبًا

ولا تُغيِّري خلقتكِ فتكوني عودًا يَبِسًا

الفتنةُ

 لابد منها بالدارين، فمن صبر على فتنة الدنيا كانت رحمة الله في حقه أقرب، والعذاب عنه أبعد، فينجو من فتنةٍ أعظم {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ } [الذاريات: 13]

جملني المولى وإياك بجمال الطاعة والرضوان، وهدانا لسبل التُّقى والغفران.

 

وكتبته

الفقيرة إلى فتح الفتاح

 هيا بنت سلمان الصباح

لا توجد أفكار عن “ما هذا بعُشِّكِ فَادْرجي”

  1. نفع الله بك الاسلام والمسلمين
    كلمات تصف الواقع المر لكثير من نساء المسلمين
    أصلح الله حالهن وهداهن الى الصراط المستقيم

  2. مقالة اكثر من رائعة وستكون بإذن الله سبب لثبات الكثير من الفتيات اللواتي ابتعدن عن طريق التجميل ..
    جزاكِ الله خيراً دكتورة ونفع الله بكِ وبعلمكِ

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تواصل مع الدكتورة