الزواج بحرٌ زاخرٌ غامر!

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: 

الزواجُ بحرٌ زاخرٌ غامر، تخوضُ أمواجه، فتقبلُ بك وتدبر، وتدنو وتخفض وترفع.

 القلوب الممرقة وراء الغيوم المتقطعة، حزنها بين القلب كمين وفي الأضلع دفين، ذرفت من الألم دموعًا تتحدر على الوجنتين ،،،

كانت تظن أنها حياة حسنٍ وبهاءٍ، ورونقٍ وجمال

كانت تراها الديباج الحرير والمهد الوثير

خفضت الرأس، وأسبلت الجفن وما علمت أن الجنة حُفت بالمكاره، وأن الكدر لازم من لوازم حياة الأفاضل

فإن أخطأ سهمك في اختيار الزوج وتبدد رميك، فلا تستثقل الحياة وتستبطئ الأجل

العاقل من إذا ابتلى كان:

كالذي لا تُخطئه السهام ولا تغبه الآلام

كالطائر الذي لا يقع إلا حيث يطيبُ له التغريد

وكالملك المتوج في مواكبه وكواكبه وراياته وأعلامه

تتنزل عليه الضوائق وتهب على بابه العواصف

وهو رغيد بين ذخائر الأرض وخزائن درر البحر

لا تضيق به ضائقة ومعه ذكر الله وعبادته

لنعلمْ

 أن التوافق بين الزوجين عزيزٌ حصوله، ومن فقدَ ذلك التوافق ضاقَ مجرى السَعدِ والأُنس فيه، وذلك أن من أعظم أسباب نيل السعادة توافق صفات ومحاب الزوجين.

فلولا تناسب حبات العقد ما اقتنته الحسناء وتجملت فيه ببهاء

لكن ليس الكل حظى بما يناسبه فكرًا وروحًا، يظل لأقدار الله صروفها ،،،

فاصبر وتصابر وكابد وتجالَد

ولا تكن كالحائر الذاهل

فإن الزواج بحرٌ زاخر!

فاطمة بنت قيس رضي الله عنها كانت لا تريد الزواج من أسامة بن زيد رضي الله عنه حينما عرضه النبي عليها في أول الأمر، ولكنها تغلبت على مشاعرها، وأطاعت رسول الله ، فكان عاقبتها سعادة وبركة، وصارت بعدها تقول مغتبطة: “فَشَرَّفَنِي اللهُ بِأَبِي زَيْد، وَكَرَّمَنِي اللهُ بِأَبِي زَيْد”[1].

وهذا حال كل من اتبع السنة، فإن عاقبته خير ولو بعد حين، ومهما كان نصيبك وقدرك، فليكن التقى والرضى حاديك

قَواصِدَ كافورٍ تَوارِكَ غَيرِهِ *** وَمَن قَصَدَ البَحرَ اِستَقَلُّ السَواقِيا

 

ولن أطيل عليكم المقال، ولن أكثر في نقل أقوال من جرب وشهد، وأبصر وعرف، بل سأكتفي معكم بقول المعلمي رحمه الله بواسع رحمته وإحسانه وهو يتكلم عن الزواج:

“أما الزواج وما أدراك ما الزواج، فلا أستطيــع أن أشير عليــك بشيء، لأني في نفسي وجدت الزواج فيه خير وفيه شر، أما خيره فحفـظ   العفة والناموس، وأما شره فكثرة المصارف ونكد الخاطر (دائمًا) وغير ذلك… ثم قال:

أما أنا فإني لا أبالي بهوى زوجتي، ولكن لا أسلم من الغم ونكـد الخاطر وتكدر الحال”[2].

الحمدُ لله على كل حال

أسأل الله للمتزوجين دوام الأُلفة والمحبة والود، وللعزاب الزواج المبارك الممتد.

 

[1] أخرجه مسلم في صحيحه برقم: (1480).
[2] آثار المعلمي، (1/224).

وكتبته:

 هيا بنت سلمان الصباح

غفر الله لها ولوالديها 

لا توجد أفكار عن “الزواج بحرٌ زاخرٌ غامر!”

  1. جزاك الله خيراً ياله من مقال رائع لكن هل يشترط للفتاة ان ترفض كل الرجال بحجة انها تنتظر رجل طالب علم شرعي او شيخ فهل تآثم لذلك الفعل مع انها يتقدم لها من هو مصلي وفاعل خير وخلوق ومتدين لكنه غير ملتحي

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تواصل مع الدكتورة