قتل الأنثى

بسم الله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرا، أما بعد:

لحظاتٌ كثيرة الصمتُ أبلغُ كلام! ولا نجد في البوح إلا عبرات العينان

والمنا أن يبوح حديثي ضمد الجراح التي بين الأضلع دفينة، ولكن في أوقاتٍ كثيرة لا نجد للبوحِ بيان؛ فكلانا لنا في كبد الدنيا مسيرٌ ونصيب.

هذه الدار لا تبقي على أحد، فأيامها حبلى، ولكل حاملةٍ تمام، ولكل حادثةٍ ختام ،،،

لِكُلِّ شَيءٍ إِذا ما تَمّ نُقصانُ ***  فَلا يُغَرَّ بِطيبِ العَيشِ إِنسانُ

هِيَ الأُمُورُ كَما شاهَدتُها دُوَلٌ *** مَن سَرّهُ زَمَن ساءَتهُ أَزمانُ

المرأة ضعيفة في فلبها، ضعيفة في جسدها، ولن تقوى على تحمل هموم الحياة إلا بالتعلق بالله وحده، والمدد من قواه جلَّ في علاه.

لذا نرى تفاوتنا معاشر النساء فيما بيننا في تحمل حوادث الزمان:

فمنا من تستتر برداء الصبر الجميل

ومنا من تنهال عيناها الدمع الغزير

ومنا من باتت كالحجر الصلد الشديد

ويشتد البلاء على المرأة الصالحة؛ فلا يسلم الشرفُ الرفيعُ من الأذى، حتى يُراق على جوانبهِ الدّمُ!

رأيتُها

زهرةً في ربوعِ الشبابِ ذابلةً … رأيتُها نورًا لا ضياءَ له خافتًا

رأيتُها

ابتسامةً مغشاة ًبألمٍ … وضحكةً خاملةً مكتسيةً بكدر

رأيتُها

باليةً وعن كلِّ جميلٍ زاهدةً … رأيتُها في الحديثِ نابغةً إلا أنَّها قليلةُ الكلامِ شبهُ صامتة!

 

فسألتها عن السبب؟

 

فقالت: هي الخيانةُ من الزوجِ بدت! بعد أن خرجَ منها نفثةٌ من نفثاتِ الحب أو قد تكون زفرةٌ من زفرات الودِّ.

ضاق بي الأمرُ ذرعًا، حين سمعتُ قصةَ الخائنِ على لسانِ زوجته وهي تشتكي بحزنٍ ومضض ،،،

أيُّها الخائنُ

كانت لكَ زوجة هي: أُمُّ ولدك، وسترُ بيتك، ومرآةُ نفسك

 قد وكَّلَ اللهُ أمرَها إليك؛ إلا أنكَ تركتُها يومًا مع الصبيةِ الصغار، والدموعِ الغزار.

أيُّها الخائنُ

هدمتَ بيتًا، ونلتَ حجرًا!

بددتَ رزقك وسعادتك، وأصبحتَ حبيسَ شهواتك وملذاتك.

أقفرتَ جفونَ مدامعِ زوجتك، فباتتْ تبكي من غيرِ دموع، وتتألمُ بصمتٍ ووجوم.

كنتَ لها يدًا تصونُ الأسى، فأصبحتَ تريقُ من دمائها الشجى

أَشقيتها معكَ حتى كنتَ أظلمَ الظالمين.

كانتْ لكَ حياةٌ تتلألأ كتلألؤ القمرِ في علياءِ سمائه

أما فقدتَ أنيسًا صادقًا كان يسامرُك ؟!

أما تساءلتَ عن ضياعِ جليسٍ محبٍّ كان يساهرُك ؟!

فتحتَ بابَ الخيانةِ، حتى ضاعتْ منك الاستقامةُ

فكنتَ أسيرَ ذنوبك بظلامٍ قاتمٍ، وليلٍ حاتمٍ

إِنَّ الأمرَ أَيُّها الخائنُ:

أعظم شأنًا، وَأَجَلُّ خطرًا .. هويتَ بنفسكَ إلى مهوى سحيقٍ .. وللهِ عاقبةُ الأمور

ولو حرصتَ على ولائِها ومودتِها؛ لكنتَ في نعيمٍ يغبطكَ عليه أربابَ الكنوزِ، وقادةُ الممالكِ، ولما استطاعوا إليه سبيلا ،،،

إِنَّ أصلب الأزواجِ قلبًا، وأقساهم فؤادً

أولٰئك الذين لا يرعون لنعيمِ الله حمدًا ولا شكرًا

قتل زوجته الأنثى بإهماله وخياناته

تلكَ الزهرةُ اليانعةُ في روضِ الشباب، والابتسامةُ اللامعةُ في ثغرِ الحياة:

بكتْ زوجها الخائن الذي لو عرضتْ لغيرهِ لكان لها من شتى البقاعِ خطيب ٌسائلٌ

لوعةُ ألم

تعتلجُ بينَ جنبيها زهدتْ معه جمالَها وتناستْ أنوثتَها

فهل تتجرعُ آلامِ الخيانةِ حين تتراءى لها خيال الذكرى القاسية ؟!

أم تصطبرُ لأعينٍ تتساقطُ أحرفُ بُغضٍ وشماتة مؤلمة ؟!

فأصبح لا ينفعُها خلوةٌ، ولا يؤنسها جلوة.

 

رزقكِ المولى أُخيتي

قلبًا زاهرًا بالأنسِ مع طاعةِ الرحمن لا ينضب معينُه، يسقي الفؤادَ الملتاع؛ فتبرد غلتُه، وتفتأ لوعتُه

لا تبكيه، ولا تتذكري عهدَه

واعلمي

أنَّ كلَّ ما في الدنيا مشوبٌ بالكدرِ، يعتريه الألم؛ إلا ما كان في طاعةِ الله ورضوانه، فأربعي النفس، وتنفسي الصعداء، واجعلي الأيام تسير على رِسْلِها، فلكل دربٍ ختام.

فانظري

إلى نفسكِ، وغذِّي بالإيمانِ قلبكِ، واشغلي بسمو الأعمالِ الصالحات خلوتَكِ، فما خُلقتِ إلا لعبادةِ ربك.

فهو مولاكِ وخالقك، والعليمُ بأمرِ وحدتكِ وفاقتكِ.

 

كتبتها:

حين تذكرتُ من أهملتْ نفسَها، وتناستْ أنوثتَها، وانشغلتْ بحزنِ خيانةِ زوجها.

 

 

الفقيرة إلى فتح الفتاح

د. هيا بنت سلمان الصباح

لا توجد أفكار عن “قتل الأنثى”

  1. الخيانة الزوجية ليست دائما خيانة بلهث الزوج حول ملذاته او إهماله لزوجته. فمن الخيانة سوء العشرة حينما يكون الزوج بذئ الكلام وبخيل المصرف وصاحب نية سيئة وخبث مع الزوجة ..خاصة إذا كانت ذات وظيفة..وغيره من الخيانات المعنوية.

  2. جزاكِ الله خيراً ، كلامك يلامس القلب الحمدلله على كل حال التعلق بالله والقرب منه عز وجل يغير نظرتك للحياة كل مااتذكر إن الدنيا لاتساوي جناح باعوضه عند الله فتصغر بعيني اكثر

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تواصل مع الدكتورة