الوفاء

 بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:

عَزَّ الوفاء ونَدَرَ، فأصبح كالمْسكِ الأَذْفرِ والكبريتِ الأحمرِ، قد قالها الشافعيُّ من قبل:

“الْحُرَّ مَنْ رَاعَى وِدَادَ لَحْظَةٍ، وَانْتَمَى لِمَنْ أَفَادَ لَفْظَةً”[1].

لكنْ الأمر

 أنه لا يَعْرِفُ الفضل لأهله إلاَّ ذووه

وقد ندرَ وعزَّ وجودهم، وضَحُلَ ونَزُرَ أمرهم

 وهذا الأمر بين البشر ليس بجديدِ عهدٍ، بل كان ذلك الأمرُ مِنْ سالفِ العصرِ

كانت أُمُّنا عائشةُ رضي الله عنها وأرضاها، كثيرًا ما تردد بيتين لحاملِ لواءِ الشعرِ لبيد:

ذَهَبَ اَلَّذِينَ يُعَاشُ فِي أَكْنَافِهِمْ *** وَبَقِيَتْ فِي خَلَفٍ كَجِلْدِ الأَجْرَبِ

يقول ابن حزم:

“الوفاء؛ إنَّه لمن أقوى الدلائل وأوضح البراهين على طيب الأصل وشرف العنصر”[2].

قلوبُ البشر

تختلف في التعامل مع المشاعر والعبر ‏

  • هذا اعتراه الحب وشهدت خصاله الوفاء؛ إلا أنه أبى قرب الديار فقال:

‏وما كنت أهوى الدارَ إلا بأهلها ‏ *** على الدارِ بعد الراحلينَ سلامٌ ‏

  • وهذا أحب وأوفى وكان القرب سجية لديه فقال:

‏أمرُ على الأبواب من غير حاجةٍ *** ‏لعلي أراكم أو أرى من يَراكمُ

كلاهما حملا ذات المشاعر ‏(الحب والوفاء)

إلا أن كل واحدٍ منهما كان له طريقته وفعله في التعامل معها ‏

هذا صدّ وابتعد … ‏والآخر لَزِمَ واقترب

‏فلا نظلم البشر ونجعل للحب والوفاء والحزن وعموم المشاعر تعريفًا محددًا، ‏فلكل قلبٍ شاكلته وسجيته، ‏والعبرة بما في القلب سكن ،،،

من ذا الذي لا تسيل عيناه الدمع ‏؟!

تارة ‏تتكاثر حتى تسبل الجفون ويسترها المرء بجميل رداء الصبر

‏وتارة ‏تفيض فيشهدها القوم ويَتبارى لضمد أنينها رفيق الدرب ‏

إلى خليل الوفاء، وأليف الإخاء:

‏قد كنتُ آملُ أن أكونَ لك الفدا ‏مما ألَمَّ فكنت أنت فدائي

 

[1] شرح الخرشي على مختصر خليل، (3/267).
[2] طوق الحمامة، (ص: 205).



وكتبته:

الفقيرة إلى فتح الفتاح

 هيا بنت سلمان الصباح

فكرتين عن“الوفاء”

  1. فاطمة الرشيدي

    “احفظ وداد من عاملك لحظة، ولا تنسَ جميل من أفادك لفظة” جميلة العبارة 🤍 ، اللهم اجعلنا من عبادك الاوفياء .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تواصل مع الدكتورة