بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
تطاولت بعض الألسن على الأذان!
في دعوى إيقافه وتحويله إلى أذان إلكتروني
فأقول وبالله التوفيق:
الأذان عبادة من العبادات العظيمة
وحينما نقول عن شيء أنه (عبادة) فلا تتحقق صحته إلا أن يؤدى بهيئة معينة ونية مخصوصة.
لذلك وضعت أحكام عديدة للمؤذن في كتب الفقه من جهة عدالته، وقيامه واستقباله القبلة، واستدارته عند الحيعلتين، وغيرها.
وهذا الشيء مفقود في الأذان المسجل الذي يطالب به بعض المتذاكين!
كما أن الأذان عبادة لها تعلق مباشر بالسامع من جهة الصلاة، والترديد معه، وحكم الكلام أثناءه، والدعاء عقبه، والذكر المسنون الذي يليه واستئمان المؤذن على هذا الأمر تكليفًا يسائل به لقوله ﷺ: “والمؤذن مؤتمن”.
وللأذان فضائل جليلة لا تتأتى للأذان المسجل حيث قال ﷺ:
“المؤذنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة”.
وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول:
“لولا الخلافة لأذنت”.
والالتفات لشعائر الدين بنظرة مادية بحتة سيوصلنا للمطالبة بتفعيل الإمام الإلكتروني لأجل توفير رواتب الأئمة وأن تكون خطبة الجمعة مسجلة توفيرًا لرواتب الخطباء!
والمسلم يُصلح دنياه لأجل تحقيق الغاية التي خلق من أجلها وهي عبادة الله ومِن عبادة الله تعظيم شعائره سبحانه ومنها (الأذان)
﴿وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾
والعجيب أن ينعكس هذا المفهوم في عقولٍ غريبة فتطالب بإصلاح الدنيا على حساب الدين!
وهؤلاء العباقرة المتذاكين إذا أرادوا الكلام عن توفير أموال الدولة فأول ما يجهزون عليه هو ما يتعلق بالدين.
فلا تجدهم يطالبون بإغلاق تخصصات نفعها لا يقارن بالأذان والشعائر الإسلامية، كدراسة الموسيقى أو الفلسفة أو الرسم أو التمثيل ونحو ذلك.
وهذا يذكرني باللبرالي الذي يصيح في كل مناسبة مرددًا:
(لقمة في بطن جائع خير من بناء ألف جامع)
ولا يقول ذلك إلا عند بناء المساجد أو الحج أو ذبح الأضاحي
ثم تعمى أبصارهم وتُصمّ آذانهم أمام الهدر المالي الكبير على الحفلات والمهرجانات وإنتاج المسلسلات والبرامج الترفيهية والمجمعات الضخمة، والملاهي الكبيرة، وإنفاق الملايين على الألعاب النارية …إلخ.
وصدق ربي حينما قال:
﴿فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾
اللهم احفظ لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا.
وكتبته:
الفقيرة إلى فتح الفتاح
هيا بنت سلمان الصباح.