ألا تجعلين الجنة بارقة المنى ؟!

بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:

هذه رسالةٌ لمرتادي الشواطئ والبحار، إِنْ لم تُطرق على المسامع، حُمِلتْ لكم على سطور الرسائل.

لقدْ كرَّم الإسلام المرأة كتابًا وسنةً، وحُفَّتْ شريعتُه لها صيانةً وعفةً، وحذَّرها من أفعال أهل الجاهلية بالتبرج والعري التي كانت لها منقصة ومذمة.

وما تصنَعَه المرأة اليوم من عُري في الشواطئ، وما يقابله من رضا المحارم؛ لمدرجةُ الهلاك!

قال الله تعالى: ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ ٱلشَّهَوَٰتِ مِنَ ٱلنِّسَآءِ﴾

ذكر الله من الشهوات (النساء) أولاً، بدأ بهن لأنهن أصل فتنة الرجل، قال النبي ﷺ: “مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاء”[1].

إِنَّ الحياء من الإيمان ولا يكمل إيمان عبدٍ ما لم يكتسِ بالحياء ،،،

ولن تتزين المرأة بزينةٍ أكملَ، وأجملَ، وأسمى من الحياء، كما قال النبي ﷺ: “مَا كَانَ الْفُحْشُ فِي شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ ، وَمَا كَانَ الْحَيَاءُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ”.[2]

اليوم تَرَيْنَ نفسَكِ بهذا العري غصنًا زاهرًا بأكاذيب الجمال

يقفُ الأسير المعجبُ أمامك مذهولاً بكِ، حانيًا عليكِ

لكنَّه بالحقيقة مستهترٌ بما سرَّه في نفسه، مُسْتَهْزئٌ بما أخفاهُ بين جنبات صدْرِه.

قد خلعتِ على أعتاب العُري خشيتكِ من الله واليوم الآخر.

كيف تأمنين؟!

وروحُكِ قد تُفضي من جسدك بين هَجْعَة اللَّيل، ويقظة الفجر

 هذا العُريُّ الحاصل هو مهانة الأسر ومعرَّتُه، والعوائل الكريمة تشتري عزَّة السِّتْرِ بالروح والمُهج، ولم تكدْ المرأة الصالحة تَينعُ في بيت أبيها بسترٍ وعفةٍ؛ إلا وامتدَّت ْيدُ الأكارم لقطفها، لأنها صانت نفسها بخدر الحياء والستر، ونبذت ْالتبرج والعري والخلع حتى أوصى لزواجها الوالدين، فقالوا لبنيهم:

وأولُ إحساني إليكم تخيُّري *** لمـاجدةِ الأعراقِ بادٍ عفافُها

 

ويا أسفاه!

على من غَدَتْ غيرتُه حتى رَضيَ بِعُرِي امرأتِه.

لنعلمْ

أَنَّ الرجل مفطورٌ على الغيرة، فها هي استقرت حتى في نفوس رجال الجاهلية، وللأسف نراه الغيرة انتفت عن بعض رجال المسلمين.

كان عنترة الجاهلي بلغ به الغيرة حتى على جيرانه، فقال متباهيًا بغيرته:

وأغضُّ طَرْفي إنْ بدت لي جارتي *** حتى تـُــواري جـــارتــي مـــأواهـــــا

قامت الحروب حميّةً على المرأة وسترها حتى تَفَجَّرتْ الدِّماءُ، وتناثرتْ الجثثُ أشلاء، وأنتَ تُقَدِّمُ لنا امرأتَك كاسية ًعاريةً!

ألا إنما التقوى ركائب أدلجتْ

أُخيتي

أَشْقاكِ وَأَضْناكِ العُرِي، فأصبحتِ تخلعين قطعةً تلو قطعةٍ كالضَّالةِ عن السبيل، الحائرة في الطريق.

لقد برعت بعض نساء زماننا بالتبرج نساء الجاهلية، وكما قيل:

إذا المرءُ لمْ يلبسْ ثيابًا من التقى *** تقلــبَ عريـــانًا وإِنْ كــان كـاسيًــا

وخيـرُ خصـــالِ المــرءِ طاعـةُ ربه *** ولا خيرَ فيمن كانَ لله عـاصيًا

 

وقد كَثُرَ الدعاء بالسِّتر، والحياء، والعفة، من النبي ﷺ وهو أكمل الناس حياءً وعفة، فكان من دعائه: (اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف) – (اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي).

الحياء لا يأتي إلا بخير، والستر والعفة صفةٌ من صفات الحور العين، ولو كان للعري مزيّةٌ ولو دنيويةٌ لكانت نعيمًا في الجنة؛ لكن ليس للعري إلا العار والمهانة، قال الله تعالى واصفًا الحور العين: ﴿حُورٞ مَّقۡصُورَٰتٞ فِي ٱلۡخِيَامِ﴾ وقال: ﴿قَٰصِرَٰتُ ٱلطَّرۡفِ﴾

ومن كَثُرَتْ خطاياه هانَ عليه نزعُ ثيابِه وإبانةُ عوراته

 واعلمي أن:

أعظم ما يكون الجمال إذا اقترن بالسِّتر والعفة، فليس ذلك العريُّ بجمال؛ فإنه ممن يحسنه حتى البهائم!

فاجعلي الحياء لكِ نورًا، والستر لكِ جمالاً وحسنا، فما تجملت امرأة بمعصية الله قط في عيون الخلق.

قد ألقى الزهر الغض نفسه على الثرى، ونادى بلسان السترِ، هل لهذه النضرة والعفة نظيرٌ يا ترى؟!

فأجاب من بلغَ الهدى:

ألهذه الغادةُ الدرةُ بسترها مثيل، وقد سمت بخمارها مبلغًا زاهيًا في الامتثال، فحلت منبعًا للمكارم والفضائل، حتى صدت بحجابها مقالة كل قائل ،،،

أفلا تجعلين الجنة بارقة المنى ؟!

[1] أخرجه البخاري في صحيحه برقم: (5096)، ومسلم في صحيحه برقم: (2740).
[2] أخرجه أحمد في مسنده برقم: (12689)، والترمذي في جامعه برقم: (1974).



وكتبته:

الفقيرة إلى فتح الفتاح

 هيا بنت سلمان الصباح

لا توجد أفكار عن “ألا تجعلين الجنة بارقة المنى ؟!”

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تواصل مع الدكتورة