منهج المسلم الصحيح من الزلازل

 

◾️منهج المسلم الصحيح من الزلازل ◾️

الحمدلله الكبير المتعال، من خضعت رقاب العباد لأمره وقهره، وضعفت الخلائق أمام عظمته وقوته، وتلاشت التدابير أمام تدبيره وقدرته.
والصلاة والسلام على خير أنبيائه ورسله محمد وعلى آله وصحبه،،،

أما بعد:

فإن لله سبحانه آيات عديدة يصرّفها بين من يشاء من خلقه
ومن آيات الله العظيمة التي تصبح معها
القلوب واجفة
والأبصار خاشعة
هي الزلازل، التي هي من جملة البلاء الذي يبتلي الله به عباده ويختبرهم بها

وقد أخبر سبحانه أن الهلاك الشديد آية من آياته حيث قال:
﴿أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ﴾

والكلام في هذا المقال يشمل على صنفين من الناس:
الأول: وهم من أصابهم الزلزال وماتوا بسببه، وهؤلاء فيهم عدة أصناف.
الثاني: وهم من نجوا منه، وكذا من بلغهم خبره.

▪️أما الصنف الأول الذين أصابهم الزلزال وماتوا بسببه:
فهذه الآيات إذا نزلت بالناس فهم طرائق شتى، منهم المؤمن الصالح ومنهم الفاجر الغافل، فإذا عمتهم آية من آيات الله المهلكة فيختلف حكمهم بحسب حالهم السابق في الدنيا

فأما الصالح:
فيكون ما أصابه تكفيرًا لسيئاته ورفعة لدرجاته، وما حلّ به ليس عقابًا بل كما قالت عائشة للنبي ﷺ:
“يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟
قال: نعم إذا كثر الخبث”.

وأما الغافل:
فيكون عذابًا له وعقابًا عليه، فقد قال النبي ﷺ عن الطاعون:
“أنه عذاب يبعثه الله على من يشاء وأن الله جعله رحمة للمؤمنين”.

والطاعون من جملة البلاء الذي يصيب العباد، وهو يشارك الزلزال بأن المؤمن الذي يموت بالطاعون أو بالهدم المزلزل له أجر الشهيد.

▪️ الصنف الثاني: وهم عموم الناس الذين شاهدوا ما وقع من الآيات أو الذين نجوا من الزلزال:
فإن الآيات في حقهم اختبار وامتحان، فقد قال سبحانه
﴿وَآتَيْنَاهُم مِّنَ الْآيَاتِ مَا فِيهِ بَلَاءٌ مُّبِينٌ﴾
أي: اختبار ظاهر.

فأما المؤمن:
فواجبه حينها أن يتعبد لله بعبادة الخوف منه، والرجاء لرحمته بالتوبة والتذكر، ومراجعة الحال، والمسارعة للخضوع لأمره واجتناب معصيته، فإن الآيات يخوّف الله بها عباده كي ينزجروا عما هم فيه من الغفلة والمعاصي كما قال:
﴿وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلا تَخْوِيفًا﴾

وقال النبي ﷺ:
“إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله يخوّف الله بها عباده”.

قال قتادة كما في تفسير الطبري: “إن الله تعالى يخوف الناس بما شاء من الآيات لعلهم يعتبرون أو يذّكرون أو يرجعون”

والله سبحانه
قد أخبر أن الآيات التي يوقعها في خلقه ينبغي على العقلاء أن يتعظوا بها ويعتبروا بها، فقال سبحانه:
﴿إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ
وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾

والواجب المهم أيضًا عند مشاهدة الآيات:
هو التسليم لله في تقديره وحكمه، فإن الكون كله ملك لله
والله سبحانه يفعل ما يشاء، وهو لا يفعل شيئا إلا لحكمة بالغة، قال سبحانه:
﴿وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾
عزيزٌ لا يغلبه شيء، ولا يمتنع منه شيء

وأما التسخط:
فلن يغير من قدر الله شيئًا، وأما التسليم فهو سيما المؤمنين وديدن الصالحين كما قال سبحانه:
﴿ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾

وليحذر الإنسان:
أن يمر على آيات الله مرور الغافلين، دون أخذ العبر التي تدفعه للرجوع إلى ربه قبل فوات الأوان، فيدخل فيمن قال الله عنهم:
﴿سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ﴾

 

وكتبته:

الفقيرة إلى فتح الفتاح

د. هيا بنت سلمان الصباح

غفر الله لها ولوالديها

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تواصل مع الدكتورة