بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
حين يبكي القلبُ ويذرفُ دمًا قبل سيلانِ الدموعِ من العيونِ عبر؛ ذلك هو ظلم أقارب الدمِّ والنَّسب!
أشدُّ أنواع الظلم وطأةً على الإنسان، هو ظلمُ الأقارب، ذلك الظلمُ الذي لا يُنسى مع مرورِ الزمان، وسهامهُ جروحٌ فاتكةٌ تَجْشُم الفؤاد
وظلـم ذوي القربـى أشــدُّ مضـاضـةً *** على المرء من وقع الحسام المهندِ
فكم أُخذت صبابةٌ من المال سلبًا
وكم طُعن الأشراف من أفواه ذوي القربى زورًا
وكم تعدَّى الأرحام على حقوق ابنهم ظلمًا
آلامٌ تعتلجُ بها الصدور من ذوي الرحم الطاغي، الذي ما هو إلا قريبٌ في ثيابِ الجائر، وأخٌ في لباسِ الحاسد.
وأين يغدو الظالم من الله؟
فمهما بلغ نعيم الدنيا بين يديه، فإنَّ القلق لا يزال يساور قلبه، والحزن حائمٌ بين جفنيه.
﴿إِنَّهُۥ لَا يُفۡلِحُ ٱلظَّٰلِمُونَ﴾
فهيهاتَ هيهاتَ
أنْ يفنى ألمه، أو ينقضي عذابه، فما هو إلا بين غيظٍ فاتكٍ، وكمدٍ قاتلٍ.
إنَّ محبة القربى ليست كلماتٍ تُحشى بها الأذهان، بل هي ملكاتٌ تصدر آثارها على الجوارح كأريج الأزهار ،،،
فما هذه الدور التي يسكنها القريب الظالم ولا هذه القصور والمحافل، إلا ألوانًا مبهرجةً لا علاقة بينها وبين حقائق الصدور ولا جواهر طهر النفوس.
ولن ينفع المرء ضميرًا ولا ناصحًا ما لم يكن لديه مخافة من الله، وخشية تخالط قلبه، تقوده للهدى والنور.
ليسكنْ روعك أيها المظلوم، وليثلج صدرك، وليهنأ عيشك، وليعذب موردُك، فمهما برح بك من ظلمهم الشقاء، فإنَّ للظالم يومًا، وإنَّ عواقبه لوخيمة.
وحَسْبك
من قول نبينا ﷺ عندما اشتكى له رجلاً قائلاً:
يا رسول الله إنَّ لي قرابةً أصلهم ويقطعون، وأحسن إليهم ويسيئون إليَّ، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال ﷺ:
“لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمُ الْمَلَّ، وَلَا يَزَالُ مَعَكَ مِنَ اللهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ“[1].
أتعلمونَ ما معنى (تُسِفُّهُم المَل) ؟
أي: يسفُهم الرماد الحار فكأنما تَطَعَمُوه والعياذ بالله
فليكنْ
لسان حالك أيها المظلوم مهما بلغ بك ظلم القريب المغبون:
﴿لَئِنۢ بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقۡتُلَنِي مَآ أَنَا۠ بِبَاسِطٖ يَدِيَ إِلَيۡكَ لِأَقۡتُلَكَۖ إِنِّيٓ أَخَافُ ٱللَّهَ رَبَّ ٱلۡعَٰلَمِينَ﴾
ليس خوفًا منك ولا عجزًا أن أرجع لك ما فعلته بي، بل مخافة من الله أن أرجع الظلم بالظلم، وهذه الآية فيها دلالةٌ وتوجيهٌ أنْ لا تأمنَ من الأخِ القريب ولو كان من أُمكَ وأبيك
فلـم تُـرني الأيام خِلاً تَسرّني *** مَباديه إلا ساءني في العواقب
ولا كنـت أرجوه لدفـع مصيبــة *** من الدهر إلا كان إحدى المصائبِ
يقول العتابي: “عشيرتك من أحسن عشرتك، وابن عمك من عمك خيره، وقرابتك من قرب منك نفعه“[2].
فإن تزاحمت عليك الألسن، وتغرب عنك القريب المحسن، فالتزم عتبة المولى جل في علاه، وأيقن بوعده ونصره، وعلى قدر اليقين يكون النصر والظفر.
تدبر قول ربي:
قال الله تعالى:
﴿فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ ۚ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَٰذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي ۖ فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ﴾
لماذا اختار الله الغراب، ولم يختر غيره من الطيور؟
خفاء الحكمة في اختيار الغراب هنا يكمن في اسمه المأخوذ من (الغربة) فهو إيذان بغربة العاصي؛ بل بأنواع من الغربة ستحوطه وتوحشه حتى من نفسه!
١– فغربته من أخيه الذي قتله وهكذا كل من ظلم أحدًا بمظلمة، فإنه ستقع بينهما غربة.
٢– وغربته من أهله وقومه الصالحين، حين ينبذونه ويبتعدون عنه.
٣– وأعظمها: غربته من رب العالمين.
اللهم من أرادنا بكيد، فاجعل كيده في نحره، وتدبيره تدميره، واشغله بنفسه.
﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا ﴾
[1] أخرجه مسلم في صحيحه برقم: (2558). [2] بهجة المجالس، (ص: 166).
وكتبته:
الفقيرة إلى فتح الفتاح
هيا بنت سلمان الصباح
استاذتي وشيختنا الفاضلة 💕
اتمنى لو تكتبين ليعم على الناس اجمعين خطورة الهمز واللمز
خطورة اتهام الناس بدينهم واتهامهم بكبائر الذنوب بالشركيات عالسحر وعاقبة ذلك في الدنيا والاخرة .. فإني اتألم الليل والنهار وادعو الله يجبر كسري ويقويني ويصبرني انا وزوجي على من كان سبب في ان يقف ابيه واخوانه وجميع العائلة ضده بسبب زواجه بزوجه ثانيه
واتهامهم لي بعدة اتهامات ..
جزاء من يفرق بين الابن ووالده بسبب زواجه بزوجه لا يريدونها لأسباب دنيويه وافترائهم عليها افتراءات كثيرة
Your point of view caught my eye and was very interesting. Thanks. I have a question for you.